عفوا أنا لا أريد أن أتغير
كنت في أحد أسواق الساعات وأخرج البائع عشرات الساعات ليعرضها علي ويخبرني بمميزاتها وصناعتها لم تعجبني تلك الساعات فكنت أحاول أن أنتقد تلك الساعات حتى أخرج من المحل بأقل نوع من الحرج ..
وهذا يحدث كثيرًا عندما نخبر البائع بأن البضاعة غير جيدة لأننا لا نريد شراءَها لأي سبب فنبحث عن عيوب في هذه البضاعة بدل من أن أنقول أننا لا نستطيع شراءَها حتى نجد عذرًا يبرر عدم شرائنا لهذه السلعة , هذه الحالة تتكرر بأشكال كثيرة وأساليب مختلفة قد تكون بالتلميح وقد يكون بلغة واضحة صريحة ..
كما حدث مع صديقي حمد في حوار طويل عن التغيير والنجاح والطموح كان حمد يرفض كل ذلك باعتباره تنظير غير قابل للتطبيق وكان يهرب من النقاش باتهام المدربين أنهم فاشلون ويقول كل المدربين فاشلون اجتماعيًا كيف يدربون على بناء العلاقات فكنت أقول له كل المدربين ؟ أم بعضهم ؟ بالإضافة أن المدربين ليسوا موضوع نقاشنا بل موضوع نقاشنا هو أن تُغير طريقة حياتك وتبدأ بتحمل المسؤولية فكان يرد علي أن التدريب بيع كلام وسرقة لأموال الناس لو كان ما يقوله المدربون صحيحًا لوجدناهم أغنى الناس توقفت قليلًا ثم قلت أنني هنا أتحدث عن مشاكل حياتك أنت أنا لست في برنامج تدريبي أنا هنا لأنك تعاني من مشاكل في حياتك ،، يجب أن تبدأ بالاهتمام بحياتك هذه حياتك يا حمد ليست حياتي كلامك هذا لا يغير الواقع عندما يكون كلامك صحيحًا بخصوص المدربين هذا لا يحل مشكلتك سوف يستمر الألم إلى أن تبدأ التغيير ..هنا قال بصوت يضج بالألم والغضب يا أخي أن لا أريد أن أتغيَّر …
وساد الصمت بعد هذه الجملة يبدو أنني دخلت إلى منطقة الألم لدى حمد .. انتهى لقائي مع حمد وأنا أسأل نفسي هل فعلا حمد لا يريد أن يتغير ؟
بعد تأمل حالة حمد وجدت فعلا أن هناك أشخاص لا يريدون التغيير بل هناك شعوب لا تريد التغيير ويدافع عن وضعه برفضه للتغيير والسخرية منه ومن أصحابه ونقد كل من يتحدث عن التغيير بل متابعة أخطاء كل من يتحدث عن التغيير والطموح وتعميمها حتى نبين أنه فاشل ولا يحق له أن يتحدث لنا بهذه الطريقة وكأننا نريد ملائكة يتحدثون لنا وهناك عدد من الاسباب التي تجعل الناس يرفضون التغيير ويتمسكون بوضعهم الراهن على سوء هذا الوضع قبل سنتين تحدثت مع أحد المتسولين وعرضت عليه عددًا من الفرص ليتوقف عن التسول لم يرضَ بأي فرصة بل كان متمسكًا بهذه المهنة
وكان ذلك من باب القناعة كنز لا يفنى ! هنا أعرض عليكم الأسباب التي تمنعنا من التغيير :-
1- الخوف عدو البشرية اللدود
يجب أن تدرك أن طريق النجاح ليس مفروشًا بالورد كما يتوقع الكثير بل على العكس من ذلك فطريق النجاح مليء بالألم والجهد والتضحية محفوف بالمخاطر والناجحون لا يعبرونه بأجسادهم بل بأرواحهم المتعلقة بالأمل المليئة بالطموح والمتقدة بالعزيمة مع كل إخفاق في هذا الطريق تولد رغبة صادقة بالنجاح بهذه الطريقة يتحول الخوف فيه إلى شجاعة والشك إلى عزيمة هذا الطريق ليس سهلا فلا يسلكه إلا العظماء وكلما زاد حجم التغيير زادت التضحية
هل سمعت عن قصة تغيير أعظم من قصة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ هل تأملت حجم التضحيات والمخاطر والمخاوف والتهديدات ؟ برأيك كيف تجاوزوا كل هذه التحديات ؟
مع وجود التحديات والمخاطر يتواجد الخوف وهو على ثلاثة أنواع فأول خوف يظهر في رحلة النجاح هو الخوف من المجهول !
الخوف من النتائج التي سوف نحصل عليها ماذا لو وماذا لو عندما لا نستطيع رؤية المستقبل فإننا نتمسك بالماضي عندما تغيب الرؤية الواعية فإننا نتحرك الى الخلف , الرؤية هي النور الذي يضيء لنا المستقبل ويكشف لنا المجهول , ماذا سوف يحصل لي بعد هذا الجهد وبعد تلك التضحيات هذا الخوف يولِّد الخوف من الفشل والإخفاق هذا الخوف يجعلنا نشك في قدراتنا وفي الطريق الذي نسلكه عندما يتملّك قلبك الخوف من الفشل لن تستطيع أن تتخيل النجاح وهنا تبدأ بصناعة (سيناريو) فاشل تتوقع فيه نتائج فشلك وبهذا الأسلوب يظهر لنا الخوف من الرفض ونبدأ نرى أنفسنا بعيون الآخرين وكيف سوفّ يتعاملون معنا فمن يقبل بفاشل ؟
إذا اجتمعت عليك هذه المخاوف وسيطرت على قلبك وتفكيرك فسوف تستميت في المحافظة على وضعك الحالي وسوف تحارب كل من يتحدث عن التغيير أو التطوير لأنه سوف يحرك كوامن الخوف التي لديك ,
السياسة تقوم على هذا المبدأ فالشعوب الخائفة لا تريد التغيير (الله لا يغير علينا ).